موقع رسمي من السعودية

بحث علمي يكشف حقائق جديدة حول "المصائد الحجرية" العملاقة لصيد الحيوانات

العلا، المملكة العربية السعودية: 28 ربيع الأول 1444 هـ الموافق 24 أكتوبر 2022 م

 كشف بحثٌ علمي عن حقائق جديدة حول مصائد الحيوانات القديمة المبنية بالحجارة، والمعروفة باسم "المصائد الحجرية "، والتي تعبر عن منهج وطريقة متطورة لسكان تلك المناطق لصيد الحيوانات البرية خلال العصر الحجري الحديث المتأخر.

ويشير الدكتور كراسارد، وهو خبير في المصائد الحجرية، إلى أن الهياكل المكتشفة كانت أكبر الهياكل الأثرية التي بناها الإنسان في ذلك العصر. ويرجع تاريخ اكتشاف أقدم "المصائد الحجرية" إلى 7000 سنة قبل الميلاد في جنوب الأردن، لم يتم تحديد عمر "المصائد الحجرية" المكتشفة مؤخراً في شمال غرب شبه الجزيرة العربية بعد، ولكن يبدو أنه يمتد بين العصر الحجري الحديث المتأخر إلى العصر البرونزي (5000 إلى 2000 عاماً قبل الميلاد). ويقدر الدكتور كراسارد أن عدد "المصائد الحجرية" المكتشفة حتى عام 2000 يتراوح بين 700 إلى 800 مصيدة تقريباً، مقابل حوالي 6500 في وقتنا الحالي،وذكر والدكتور كراسارد الذي يعمل في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، هو أيضاً المدير المشارك لمشروع خيبر لونج دوريه الأثري والقائم بإشراف الهيئة الملكية لمحافظة العلا وشريكها الاستراتيجي الوكالة الفرنسية لتطوير العلا.

أجرى فريق الدكتور كراسارد دراستهم الجديدة والذي تتضمن عملاً ميدانياً في المملكة العربية السعودية والأردن وأرمينيا وكازاخستان. ويؤكد بحثهم أن "المصائد الحجرية" كانت تستخدم للصيد وليس للترويض، وأنها "تمثل تغييراً كبيراً في الاستراتيجيات البشرية لصيد الحيوانات" وأن "تطوير هذه الهياكل العملاقة للصيد كان له تأثير بشري مذهل على المناظر الطبيعية". ويعتقد أن "المصائد الحجرية" أدت إلى تجاوز مستويات الكفاف عند الصيد، مما أدى إلى "زيادة السلوك الرمزي المرتبط بإنتاج الغذاء والتنظيم الاجتماعي". وقد تكون بعض الأنواع البرية قد غيرت طرق هجرتها نتيجة لذلك، وربما تم اصطياد أنواع أخرى حتى انقرضت.

اكتشف فريق علم الآثار الجوية في محافظة العلا، بمشاركة فريق من جامعة غرب أستراليا بقيادة الدكتورة ريبيكا ريبر، 207 مصيدة من نوع "المصائد الحجرية" غير معروفة سابقاً في محافظة العلا وحقول الحمم البركانية المجاورة لحرّة عويرض. ووجد الفريق أيضاً أن نوعاً مميزاً من "المصائد الحجرية" على شكل حرف V كان هو الشكل الأكثر انتشاراً في المنطقة التي شملتها الدراسة، على عكس هذا النوع من المصائد الموجودة في أماكن أخرى في المنطقة. ووجد علماء الآثار أن "المصائد الحجرية" كانت موجودة في مجموعة متنوعة من الأشكال، مثل شكل حرفي V وحرف W .

وتحتوي جميع المصائد الحجرية في المنطقة، بغض النظر عن شكلها، على خطوط توجيه مكونه من جدران حجرية قصيرة التي تتلاقى لتوجيه الحيوانات نحو مصيدة مثل حفرة أو جرف. ويبلغ متوسط ​​طول "المصائد الحجرية" في محافظة العلا حوالي 200 متراً. ويمكن أن تمتد هذه المصائد في أماكن أخرى لمسافة كيلومترات عدة. وتقول الدكتورة ريبر إن المصائد القصيرة توضح منطق الصيادين في وضع المصائد في المناطق التي كانت التضاريس غير المستوية فيها لتضيّق تحركات الحيوانات، كما يظهر أن الصيادين يمتلكون معرفة متطورة بهذه التحركات.

تميل هذه المصائد إلى توجيه الفريسة نحو حفرة عميقة بشكلٍ مفاجئ. وهذا يمثل تكيفاً مع البيئة المحلية، غالباً ما تنتهي "المصائد الحجرية" في أماكن أخرى بحفر مخفية يمكن فيها قتل مئات الحيوانات خلال عملية صيد واحدة. ويمكن أن يكون هذا الاختلاف دليلاً على تكيف الصيادين مع الطبوغرافيا المحلية أو تطور هذه الطريقة في الصيد.

وقالت الدكتورة ريبيكا فوت، مديرة البحوث الأثرية والتراث الثقافي في الهيئة الملكية لمحافظة العلا: "تضيف هذه الدراسات إلى فهمنا المتزايد للتراث الثقافي الغني لشعوب منطقة شمال غرب الجزيرة العربية، وفي هذه الحالة تحديداً فهم الممارسات التي اتبعها سكان تلك المنطقة ما قبل التاريخ. توسعت الدراسات الحديثة في اكتشافاتنا السابقة للعصر الحجري الحديث في المنطقة، بما في ذلك بناء هياكل ضخمة لممارسة طقوس تُعرف باسم «المستطيلات». مع دخولنا في موسم الخريف والبدء بالعمل الميداني لدراسة الآثار، وبرعاية الهيئة الملكية لمحافظة العلا، وبالتعاون مع فرق بحثية من المملكة العربية السعودية وفرنسا وأستراليا وألمانيا وغيرها، نتطلع إلى الوصول للمزيد من النتائج القوية كجزء من خطتنا الطموحة لإنشاء مركز عالمي للبحوث الأثرية والحفظ في محافظة العلا".

ومن جهتها، قالت الدكتورة إنغريد بيريسي فاليرو، مديرة الآثار والتراث في الوكالة الفرنسية لتطوير العلا: "إن اكتشاف هذه المصائد الحجرية الجديدة في محافظة العلا وخيبر يفتح آفاقاً مهمة حول أصول وتطور وانتشار هذا النوع من المصائد، والتي شكلت علامة بارزة في تاريخ تطور الإنسان وعلاقته بالبيئة الطبيعية. يجمع البحث الرائد الذي أجرته هذه الفرق الدولية، بما في ذلك عمل الخبير الفرنسي الدكتور ريمي كراسارد، بين نتائج وتحليل صور الأقمار الصناعية والعمل الميداني، وهي الطريقة الوحيدة لتقديم تأريخ ووظيفة دقيقين من خلال تحليل المواد المرتبطة بهذه ا المنشآت. سيكون هذا البحث الجاري، دون أدنى شك، علامةً فارقة في دراسات ما قبل التاريخ".

وتشمل سلسلة الأبحاث الجديدة ما يلي:

  • "استخدام المصائد الحجرية الصحراوية كمصائد عملاقة: الأدلة الوظيفية والتأثيرات المحتملة على المجالات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية" بحث أجراه ريمي كراسارد من جامعة ليون، ونُشر في شهر مارس بمجلة العلوم الأثرية، وبدعم من المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي والوكالة الوطنية الفرنسية للبحوث.
  • "المصائد الحجرية في حرّة عويرض بمحافظة العلا ، المملكة العربية السعودية" بحث أجرته ريبيكا ريبر من جامعة أستراليا الغربية، ونُشر في مجلة الآثار والنقوش العربية، وبدعم من الهيئة الملكية لمحافظة العلا.
  • "المصائد الحجرية الجديدة المكتشفة مؤخراً في شمال غرب المملكة العربية السعودية، ومصائد حجرية أخرى محتمل أن تكون من نوع مبكر، توسع نطاق التوزيع الانتشار العالمي للمصائد الضخمة للصيد " بحث أجراه أوليفييه بارج من جامعة ليون الفرنسية، ونُشر في مجلة العلوم الأثرية: تقاريرالبيانات الواردة عن خيبر في هذه المقالة ناتجة عن مشروع خيبر لونج دوريه الأثري.